سؤال.. كم وجهاً لله ؟ و لماذا لا يتجلى الله علينا ؟


مبروك لمصر في باديء الامر و ثاني الامر اكاد اجزم بانك صرت تحفظ عني كل ما اؤتيه عليكم من عناوين صادمه و من بعد قراءة المقال يتضح كل شيء.

لا اخفيكم سراً العناوين التي اختارها لمقالاتي ليست غرضها التشويق و التسويق او حتى ضرب الصعقة الاولى بل هي في محلها تماما فعندما اختار عنوان مقالة اليوم على سبيل المثال - سؤال كم وجهاً لله؟ و لماذا لا يتجلى الله علينا ؟ - فأنا اعنيها تماما انا اسأل كم من عدد وجوه الله .. !!!

و دعني اطلق على مقالتي اليوم بحثاً لانني سوف اجيب على هذا السؤال بالفعل بنظرة فلسفيه، و سأطرح الاجابة و عليكم قرار اختيار ماذا ترون في كلماتي، فرأي صواب يحتمل الخطأ و رأي غيري خطأ يحتمل الصواب.

الاجابة:
ان يكون لله عدة اوجه لا نحصيها ابدا ولا نعدها و قبل ان اجيب على ان اجزم ان لله وجها او اثنين او ثلاثه او عدة اوجه لابد الاول ان نعرف ما هو الوجه او ما هو المقصود من الوجه ..

اليوم ذهبت الى معرض الكتاب و انا في رحلة عودتي للمنزل بكل براءة و بساطه عصف بي سؤال منبعه هذه الايه " وَلِلَّهِ المَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ "(البقرة:115 )

قبل ان انطلق في تفسير هذه الايه لابد لي كما قلت ان اشرح ماهية الوجه و اصل كلمه وجه،
كلمة وجه تأتي من الواجهه او الصف الامامي للشيء او مقدمة الشيء بالبلدي هي كما انها باترينة لعرض الاشياء
مثال:
تعالوا معي لوسط البلد و سوف تلاحظ كم الباترينات الكثيره لاوجه المحلات و هي معروض فيها فقط عينه من ما يحتوي عليه المحل و لا يعتد بالذي في الباترينه على انه كل الموجود في المحل اي انها الظاهر ليس الباطن

مثال اخر اكثر قرباً على الانسان:
وجهنا هذا، ليس اكثر من تقلصات عضلية تظهر ما تبطنه مشاعرنا اي ان الوجه يظهر المشاعر و ليس الوجه هو المشاعر !!!

الوجه يا ساده هو فقط مجرد تشريفه خلقها الله لنا كأداة اتصال ظاهرية غير ذات الحواس الخفيه التي تجتس بالمشاعر بطريقه مباشره و الذين يباشرون هذا هم في ارتقاء روحي او اتصالي خاص جدا كمثل الزوج و الزوجه التؤمين بينهما ذا الاتصال اللاوجهي او اللاواجهي ( ارجو الانتباه لفرق المعنيين )

و هناك فرق كبير بين وجهنا و وجه الله او اوجه الله، الخالق ليس كالمخلوق و هذا يجعلنا نفرض حتمية الاختلاف و تعددية وجوه الله ليس تعددية في كيانه و لكنها في صفاته يقول ابن عربي :

يمن الأكوان منزله و هو لا روح ولا جسد
ما له حد يعينه و هو المطلوب و الصمد
فجميع الخلق يطلبه ثم لم يظفر به احد
أحد ما مثله أحد بكمال النعت منفرد

و يقول ايضاً :
إن الشمس تتجلى في مرآة القمر و ليس في القمر من الشمس شيء كما ان نور الشمس من حيث عينها هي تجلي اسمه - النور - دونما حلول ( اي لا تحل الشمس في القمر بل تتجلى فيه )

اذن الكلمات واضحه ان تعدد الاوجه ليس الا تعدد الصفات و الابداعو التجلي التعددي فقط، فعندما تتعدد جمالات الطبيعه فهي اوجه لله هي البترينة التي يعرض فيها الله شيء من ابداعاته و ليس هي كل ابداعاته فسبحانه البديع الباقي

اذن انت وجهك هو ما يظهر ما داخلك من كنوز ولا يكشف وجهك كل الكنوز و ان تعددت وجوه الناس فهي اقنعه و ان تعددت في تجليات ادبيه او فنيه فهي ليست وجوه و لكنها حاله فقط و ليست الحال اي انها صفه غير مستديمه و لان الاستدامه لله فالله كل ما يفعله هو حال و ليست حالة قد تصيب و قد تخيب فالله ما يفعله هو حال و نحن ما نفعله هو حاله و قبس من نور الحال الاعظم من الله كما ان اقول اني موهوب في الرسم فانا مبدع و لكني لست بديع كما الله فلعلي ارسم مائة صوره بهم حوالي ثلاث صور استطيع ان احرقهم او ارميهم في اي مقلب قمامه و لكن حال الله في بديع خلقه و بديع صنعه لا تشوبه الشائبه فيبقى هذا هو حال الله و ليست مجرد حاله...

و عندما نقول الله متعدد الاوجه على حسب الايه التي كتبتها بالاعلى هي ايضا تحملنا لشيء اخر هو ان الله موجود في كل مكان فيقول "فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ" اي ان وجه الله في كل مكان وجه متعدد الاوجه

ترى الانسان فهو شيء من صنع الله و حال بدائع الله و وجهاً من وجوه
ترى البحر، ترى الشجر ترى النجوم ترى كل شيء حولك، ترى نفسك من داخلك بواسطه العين الداخليه فتجد وجهاً من وجوه الله " إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ"

الجزء الثاني:
لا تقتصر اوجه الله على بديع خلقه فقط بل على حكمته و كلماته و غيب كينونته فالعارفين او المتصوفين هم في اتصال مع هذه الانواع من الاوجه لله بشكل مباشر فتنفتح امامهم قبس من حكمته و كلماته و الغيب الادنى الذي يمليه الله على بعض من عبادة المختارين الذين هم في مصاف حمل الامانة ...
فتكون هذه نوع اخر من انواع اوجه الله اكثر شفافيه

لماذا لا يتجلى الله علينا بدون كل هذه الاوجه ؟
انها الحكمة الالهيه، تعال نفترض ان الله يتجلى على جميع البشر بدون اي وجه من وجوهه المتعدده بدون ان يكون غيب فيكون بيننا نراه و يرانا، بدون ان ينزل علينا ايات، بدون ان يكون للكون شكلا كما هو الان لانه لن يكون هناك داعي للوصول لله من خلالها لان الله بقى بيننا فما الداعي من خلق كل مدلولات وجوده و هو اصلا بيننا نراه و يرانا كمثل ما نرى بعضنا البعض.
لا يا ساده هذا غير منطقي بالمره و يتعارض مع النفس البشريه في الاصل و الاساس...تعال انصبك حاكم على مجموعه من البشر و ابقي معك علما و اعطيك خيارين للتصرف بهذا العلم مع الناس...

الاول:
ستعطي هذا العلم لكل الناس لكل الناس لكل الناس بدون ان يبذلون اياً من اي مجهود ( الحال المفترض ان يتجلى الله علينا )

الثاني:
ان تعطي السائل فقط قدر ما يسأل و عندما يتعطش للمزيد تعطيه قدر تعطشه فقط. ( الحال الحالي الذي فيه الله مستتر عن كل مخلوق )

اذا افترضنا الاول فهذا معناه انه لا داعي للحكمه لان لا احد اصلى سيسعى اليها لانها باتت عنده يمتلكها فلا داعي للسعي فتموت معناها و مضمونها و سيبقى الناس على حالهم دون حراك للامام ( طبيعه بشرية )

الافتراض الثاني يجعل من الناس تسابق شريف جميل لنهل هذا العلم لا تبخس ميزان العطاء ولا تزيده مقدار ما طلب الطالب ليبقى متعطشا للمزيد شرط ان تعطيه ما يريد فيتسارع الناس للمعرفه و تكون للحياه حركه و حكمه و فلسفه من الوجود اصلا و اساسا ( طبيعه بشرية )

اذن ان استتار الله و ظهوره علينا من خلال اوجهه هو لحكمه ان تكون للحياه حياه ان تكون الحياه كلها في حركه دائمه ناحيه الاستزاده و التعلم و المعرفه فيساعدنا الله باطلاله علينا من خلال اوجهه المتعدده التي شرحت كينونه بعضها في الاعلى ...
و لله المثل الاعلى ( لن تستطيع ان تعرف ماذا يبيع هذا المحل دون ان ترى على باترينته عينات من الذي يبيعه )

هكذا هي الحياه دئب دؤب لمعرفة الله، التي هي ام العلوم و كل العلوم ... و سنظل في هذا الى ان يشاء الله في الاخره و تكتمل مشيئته فيرى البعض وجهه الكريم الوجه الاوحد الواحد للكيان الاوحد الواحد حينها ستكون المسأله شيئا اخر و تتبدل الامور

( الماقل حالة تفريق بين ما نعيشه في الدنيا و ما سنلاقيه في الاخره )

اسأل الله ان ننال هذا الشرف العظيم شرف النظر الى وجهه الكريم، وجهه الواحد الاوحد الصمد المنعوت بانفراد و تفرد

اعلم ان مقال اليوم ثقيل بعض الشيء و لكني التمس فيكم شيئا من ما نريد ان نكون عليه
ان نكون " مفكـــــــــــرون"

تحياتي
إسلام أبو بكر
1/2/2010
Islam Abou Bakr's Facebook profile

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا نخاف من الله، هل الله مخيف؟!

الله لا يمكن أن يغير قوله لما يعتقدون بأنه يمكن

مسرحية الشيطان الهزلية المشهد الثاني ( ملائكة و شياطين ) الأفلام