إبن الشيطــــــان - الحلقة الثانية

التاريخ 12 يناير 1995

إقرأ معي ...
إقرأ في نفسك تلك الكلمات المكتوبة قراءة محفورة في نفسك لا تجهر علنا بالقراءة، هناك حتماً من سوف منك يتوجس، و هناك فرقاً ستقول عنك هذا الذي كان و الأن الذي خُبل ...

في الليل ايما تكون وسط زحام وسط جموع وسط الوحدة مكلوم لا تتذكر تلك الكلمات لا تتفوه بما قد قرأت، إياك و إن فعلت صرت ملعوناً في الدرك الأسفل منحوراً قاطراً منك زيف القيح و ما من قيح بقاطر، يخيل لك و ما هو بحاصل ...

إقرأ معي ...
إقرأ في نفسك لا تجهر بالقول الناطق عن تلك ما سوف تقرأ، باتت تلك تصبح هذه، فلا حولك تتلفت ... حدٌق في الورقة و ببرودة ملمسها كن بارد الأعصاب، و إن بعد الجهر بالكلمات لا تلومن إلا نفسك .

إقرأ معي ...
سبع كلمات في نفسك أحذرك من الجهر ...

إقرأ معي ...
ميرانهي، إكياسليس، يجورن، شيهمالين، عيمازاف، حيمان إوا ... الساعة الساعة، العجلة العجلة ....

*******

قذفها أحدهم فيما بين فراغ ما كاد مغلوقاً من زجاج سيارة "سالم" و هو جالس منتظر زوجته "منى"، كانت تزور والدتها و ذهب ليقلها بعد عملة حيث أنه قد إستأذن الخروج باكراً من عمله، قُذفت تلك الورقة و ما كاد يلتفت حتى إبتعد من قذفها ... لبرهة فكر في أنه سيلحقه و لكن ما إن طالت مسافة الإبتعاد بينه و بين الغريب بدراجته النارية حتى يأس من هذا، ماذا بعد أن قرأ ما قرأ هل كان ليتردد في أن يلحق به ... إن الفضول و الخوف يقتلانه الأن

*******

" فلاش باك، صباح يوم 12 يناير 1995 "

فطار، صوت إذاعة من الراديو يلهم النفس في مقتبل اليوم، وجهاً جميلاً يبتسم له، ما أجمل من هذا صباح يحبه "سالم"
إستيقظ قائلاً لزوجته :

سالم : صباح الخير يا حبيبتي
منى : صباح الخير يا حبيبي

قام و قبل إحدى وجنتيها في حنان فأبتسمت له قائلة :

منى : أريدك أن تقلني في طريق عملك إلى أمي حيث أنها قد طلبت مني عبر الهاتف البارحة أن أزورها
سالم : حسناً و سوف أقلك رجوعاً و انا عائد من العمل

إبتسمت فأبتسم لإبتسامتها

*******

بعد ساعتين من وصوله عمله أحس "سالم" بوعكة في صدره قاب قوسين أو أدنى من أن يصرخ ألماً، نصحه زملائه بأن يأخذ باقي اليوم راحة و يذهب ليرتاح و ما إن وافق حتى زادوا عليه في الإدارة كرماً فأعطوه أجازة ليومين ...

إتصل بزوجته يعلمها بأنه قد تعرض لوعكة في صدرة مفاجئة فقلقت و طمئنها و أبلغها بأنه آتي الى بيت حماته ليقلها و أنه لن يستطيع إلا أن ينتظرها في السيارة و ألا يلقي السلام على أهل زوجته و أصر على عدم إخبار أحداً بهذا حتى لا يقلقون

*******

إندهش المحقق "مفيد" لما يسمعه من اللواء "سعيد" و أخذ الأخر يسترسل بلا إعتبار لإشارات الإندهاش على وجه "مفيد" متغاضياً عن أن ما يقوله قد يعترضه في فهم "مفيد" إدعاء الرجل بالكذب فأخذ لا ينظر إلى عينيه متحاشياً إياهما حتى و إن الاخر لم يبدي غير الإندهاش و ما إن إنتهى اللواء "سعيد" حتى نظر صامتاً إلى المحقق أمامه ... ساد الصمت بينما يردد صداه في أرجاء المكان فخشى كليهما ردة فعل الأخر و في قول واحد قالا : إنني خائف

سعيد : من ماذا ؟
مفيد : الذي تقوله يقشعر له بدني
سعيد : أي أنك تصدق
مفيد : ما عهدت منك كذباً
سعيد : هناك من قُتل بالفعل .. أنا أحدثك الأن منتظراً موتي
مفيد : ألا يوجد طريقة لتحاشي المصير
سعيد : الموت لديه خطة وجب تنفيذها
مفيد : هل هي خطة الله ؟
سعيد : تعلم أنه كل شيء بأمر الله و لنا أن نأخذ بالأسباب و هذا سبباً له مهابة لا يستهان بها
مفيد : أين "سالم " أريد التحدث إليه !
سعيد : لم يعد ينطق
مفيد : فقط إجمعني به
سعيد : تذكر، لم يعد هناك ما هو لواء و محقق بل ما هو حي و ميت

نظر المحقق " مفييد " للأرض في تنهد و طلب الإستأذان و أُذن له بالإنصراف ليقابل " سالم "

******

في البيت أصر سالم بينه و بين نفسه على ألا يلفت نظر زوجته لما يعتريه من تضارب نفسي، إنه خائف أن تعصف به الأفكار ..
تغاضى عما بدر في ذهنه من إحتمالات و ألقاها كلها خلف ظهرة تبايناً من أن يكون الذي قذف بتلك الورقة مجنون أو انه يريد إخافة أحدهم، تغاضى عن كل هذا و كل ما قد يجعله يفكر في هذا و حتى أنه نسى أمر الورقة بعد أن اخفاها لحظتها في جيب سرواله خوفاً من أن تراها زوجته فتسأله عن الورقة و تربط خوفه و زهوله منها فينتقل إليها هذا الخوف و الذهول

مر اليوم في رتابه ظن أن يومين الأجازة سيقضيهما حبيساً لأدوية طبيب يعتزم سم جسمه بها ... و لا يبغض هو اكثر من الأطباء و أدويتهم، مرت الساعات و جن الليل على الزوجين و هما في غرفة المعيشة يشاهدان فلماً ... قام "سالم" للذهاب ليشرب فتذكر أمر الورقة التي أخفاها في جيب سرواله فذهب إلى غرفة النوم و أخذ الورقة من جيب السروال المُعلق

أضاء النور
فتح الورقة من طياتها
نظر للساعة فوجد الليل قد إنتصف و زاد النصف ساعة
شرع أن يقرأ متحدياً هذا الهراء بفضول القط
قرأ
قرأ بصوتٍ عالٍ

*******
نهاية الحلقة الثانية

تحياتي
إسلام أبو بكر
13/1/2011

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا نخاف من الله، هل الله مخيف؟!

الله لا يمكن أن يغير قوله لما يعتقدون بأنه يمكن

مسرحية الشيطان الهزلية المشهد الثاني ( ملائكة و شياطين ) الأفلام