من السلفية إلى الإلحاد - الجزء الأول


مضى من الوقت الكثير فيما تركت الباب الأول لي في الفكر و هو دحض فلسفة الإلحاد و أخذني التنقيب و التمحيص في سؤال مهم لما قد يؤمن الإنسان و لما قد يلحد و لكم أقول من الصعب جداً الجزم في الأمرين بأننا قد نصل لفكرة موحدة نُأصل بها مرسى يريح الذهن و يقعده مقعد الرضى عما قد سأل و إنتهى لإجابة ما ...

و التأكد من كونك على الحق لن تستطيع الدافع عنه و تقديم أدلة كافية لتتبرج به عن خصومك .. فالقوتان متساويتان ( التدين و اللاتدين ) إلا بأن معشر المؤمنين قد أخذوا في حوزتهم بالضرورة المطلقة قوة لا ينزاعهم فيها أحد و هي الأيمان ..

و نحن في خضم الصراع الفكري و الفلسفي بين الدين و اللادين (الإلحاد) نذهب و نجول وديان الفكر و نعلو و نهبط جبال المعارف يداً بيد كل فرقة ولت نفسها الحقيقة هي تاجها و منالها و يسبق كل منهما الأخر خطوة بخطوة لا من أحد ينتصر ولا من أحد ينهزم.

و الحديث عن أن الكثرة يكون لها الغلبة هو الحديث الهلامي فالإنسان فعلياً هو المتحكم بسلطان على جميع المخلوقات في حين أن قارنته عدداً بالطحالب على سبيل المثال ستجد أن لها الغلبه و لكن مضمار المفارقه هنا في القدرة و ليس العدد فالانسان قادر على التغيير بما له من سلطان و ليس بعدده كما الطحالب فالناموس في السلطان و لله المثل الاعلى إنه واحد أحد فرد صمد و نحن البشر فوق الأربعة مليار فرد و لكن سلطان الله فوق ما لنا من سلطان و هذا للتقريب للفهم و ليس بمجال مقارنة .

هو هو الحال في أن معشر المتدينيين ككثرتهم لا يغلبون معشر الملحدين في قلة عددهم و لكن الغلبة لمن لديه السلطان و السلطان الدنيوي هنا هو العقل وحده و لا غيره .

بداية سنجنب الإيمان في النقاش لأن الأيمان ليس سلاحاً ضد و لكنه سلاحاً مع .. ولا يكون لهذا السلاح أي دور في فرض منطقية تفكير أو ثبات فلسفة .. فأنا مثلاُ أؤمن بالله و مسلم و هذا محض إيمان فأنا أؤمن بالغيب المتمثل في ذات الله و لأنه شعوراً لا مجال لإستخدامه بما أنه لن يقنع أحداً غيري و لذلك أداة الجدال هنا هي العقل فلا يندهش أحداً من أن يتم عرض النص مجرداً من أيماننا بأنه صحيح لأن الفرقة الأخرى لن تعير أي نوعاً من الإهتمام لما نؤمن به ..

أحببت أن أقدم النهج الذي سأقوم بإنتهاجه راحة لمن أراد البحث عن الفكر بحيادية بإنتزاع الخوف من الإقدام على البحث و الخوف من أن يتم إستخدام الإيمان سلاحاً كما حال البيروقراطيين ...

حقيقة الأمر كان هناك دافعان لرجوعي لهذا الباب الذي أحب دائماً أن أخوضه، الأول هو سؤالي عن لماذا قد يلحد المسلم تحديداً لأن مجال بحثي في أصول العقيدة و فلسفتها جعلتني شديد التوجه و الإنجذاب إلى أن الإسلام هو الدين الحق فقبلاً تحايدت مع نفسي محاولاً الإلحاد و أن أفكر كما يفكرون و تهافت على الأديان الأخرى في قرائتها و فهمها و البحث في أصولها و أنتهيت أنها كلها ديناً واحداً و لأسباب أخرى قمت بإثبات نفسي مسلماً للمرة الثانية بعد ولادتي عن فهم لا عن وراثة قد يخلو لنا الوقت في التكلم بشانها مرة أخرى و السبب الثاني لرجوعي لهذا الباب ... هو رجل إسمه عبد الله القصيمي .

هذا الأسبوع ذهبت إلى المكتبة التي أبتاع منها الكتب في وسط البلد - القاهرة - مصر .
و أثناء جولتي بها التي تطول نسبياً لإختيار المواضيع المناسبة لقراءتها وجدت كتاباً لعبد الله القصيمي بعنوان .. الكون يحاكم الإله .
و أنا أعرف الرجل و أعرف قصته و لم أتخيل أن يكون له كتاباً مطبوعاً أبداً لان كتبه هي كتب إلحاد و لكن هناك دار نشر واحدة هي التي تهتم بنشر كتبه و هي دار نشر الجمل و هي عراقية و قد طردها صدام حسين إلا أنها تتخذ من ألمانيا مكاناً لها لليوم و تدخل الكتب بطريقة أو بأخرى .. على أي حال أخذت الكتاب بين راحتي و جلست أندهش مرة تلو الأخرى من محتواه فنظرت لصديق لي و قلت له هذا الكتاب لمن يبتاعة سيلحد فوراً .. و قلت له عندي على كل ما قاله رداً بالفكر و النقد فلقد أسست نفسي منذ دخول براثن الإلحاد فأنا منيع من هذا و عقلي صعب المراس بأن ينكسر قبل أن يفكر فيما يقوله الرجل ..

و لهذان السببان وجدت بأن أقوم بنشر سلسلة من المقالات تتحدث عن فكر عبد الله القصيمي و سأقوم في المقالة الثانية بالخوض في أسباب تحوله من السلفية إلى الإلحاد و من بعد سأقوم بجلب نصوصه كاملة و نرد عليها بكيفية ما إستخدمه هو من أدوات مجنبين الأيمان تماماً في الردود حتى لا تكون علينا حجة ..

فإنتظروني....

تحياتي
إسلام أبو بكر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا نخاف من الله، هل الله مخيف؟!

الله لا يمكن أن يغير قوله لما يعتقدون بأنه يمكن

مسرحية الشيطان الهزلية المشهد الثاني ( ملائكة و شياطين ) الأفلام