رسالة للشيخ لحازم صلاح أبو إسماعيل



في حين محنتك بإفتراض صدقك حتى قبل صدور حكم المحكمة لم أكن لأخذ قضيتك بذنب نائب الكذب " البلكيمي " اللحية ليست عامل مشترك على الكذب على أي حال لا هي منطقياً ولا ضمنياً، حتى قبل بزوغ الحقيقة في قضية البلكيمي كنت أفترض صدقه، هذا ليس لدواعي إفتراض حسن النية بالمبدأ الأول فقط و لكنه حيادية الضمير، لست من نوع الأشخاص الذين يكن بقلوبهم الحقد لمن هم بإختلاف عن واجهته في الفكر وصولاً للفقه و الأسس الدينية ذاتها .

و لكني ظللت على حياد كوني لا أعرف هل أنت كاذب أم هل أنت صادق، خصوصاً أن إتهامك بشيء هو ممارسة الدجل و ضرب الودع و إستحضار الأرواح و تقديم القرابين لطواطم التكهن.


أنت لا تعرفني و أنا لا أعرفك و لكن أأمل بأن تصلك تلك الرسالة حتى يتثنى لك معرفة مع من ستتعامل إذا جائت بك الإنتخابات الحرة و النزيهة رئيساً لجمهورية مصر العربية .


تفاعلت مع الأمر عن طريق الشبكة الإجتماعية الفيس بوك و كان كل ما اوردته و نشرته عنك و عن قضيتك محفوظاً بالتاريخ .. حتى و يا للعجب أن بعد صدور حكم المحكمة بعض أنصارك أتهموني بأني أتهمتك بالكذب .. هذا جعلني أسأل نفسي سؤلاً .. هل إنجرفت لهذا حقاً  ؟! 


ليقيني بأنه لا ينبغي أن أفعل .. ليس لأني ضد أن تأتي رئيساً لمصر من المبدأ تماماً و لكن هو أن أشترك في مسرحية أو كما يبدو أنها هكذا و أن أقوم بظلمك .. فوالله لا أقوى على أن أشترك في حيلة لظلم إنسان .. حرم الله على نفسة الظلم، ما بالك أن نرتضيه نحن طواعية ولا وجه لمقارنة إن كانت .


لست من مؤيدي أن تأتي رئيساً لمصر بل من المعارضين و بشدة و بضراوة عن فكرة أن تكون رئيساً لمصر، و الأسباب كثيرة و أذكر منها التالي :


بداية تستخدم المسجد للدعاية لحملتك الإنتخابية، ألا تعلم يا شيخ حازم بأن تلك الحيلة حتى و لو لم تكن مقصودة تكسبك قدسية ما و تطفي على مشروعك قدسية دينية و أنت تعلم بالضرورة أن هذا هو تحديداً عملية إستقطاب المشاعر الدينية لدى الناخبين من أنصارك أو الذين يفكرون بأن يكونوا لك أنصاراً ممن ليس لديهم من العلم الكافي و الفقه و الفطنة الكافيين بأن يفرق بين مرشح لرئاسة الجمهورية و بين قديس ينطلق من إستقطاب مشاعر الناس الدينية و التي هي بالأصل فياضة لا عن ثبات فقهي بل عن إتباع متسلسل موروث و أغلبهم كذلك ..
ستقول لي و ما المانع إذا كان باقي المرشحين في يدهم أن يفعلوا كيفما أفعل . سأقول لك المبدأ أولاً خطأ، أنت لا تعرض علينا مشروعك الإنتخابي الذي أرسله الله لك بالوحي بل هو مشروع إنتخابي و هو بالأخير عمل بشري و لو أنك تتحلى بالحكمة لوعيت من البداية إلى خطورة إستخدامك للمسجد كوسيلة لدعايتك الإنتخابية لأنك بالضرورة و من المعلوم بها أن تتكهن بمدى تأثير هذا على الإنسان المصري البسيط المستثار عاطفياً و دينياً نحو المسجد بأثر رجعي و لو أنك أردت أن تلعب اللعبة بقوانين حيادية لما أستخدمت تلك الحيلة حتى و لو كنت تؤمن بأن دور المسجد لابد أن يتعدى دوره كمكان عبادة فقط و لكنك لابد عليك أولاً أن تؤسس تلك الفكرة أو أن تكون مؤسسة بالفعل عند السواد الأعظم من الناس و هذا بالطبع ليس متوفراً .


لديك من الأفكار الفقهية ما يجعلك ترى بأن فصيل واحد فقط من المذاهب و التيارات الدينية الفقهية الإسلامية هو فقط على صواب و الباقي لا ينبغي الأخذ بما عنده و هذا التيار الديني الذي أنت عليه هو التيار السلفي . و إن تكلمنا عن كون الفقه السلفي هو الأصح من بين جل الفقه الإسلامي ففي هذا الحديث نسرد الكثير من المجادلات .
و لكن كمنظور عام لا ينبغي لك تطبيق فصيل واحد فقط من الفقه الإسلامي في سبيل أنك تنتمي له و لا تعلم عن غيره إلا أن يكون هو الأصح من بينهم .. 
إيضاً قد تقول لي بأن المختص في هذه الأمور هو الأزهر .. لا يا شيخ حازم دعني لا أستسيغ هذا و ألوكه بسلاسة أنت لن تفعل لأنك بكل بساطة سقط كثيراً بزلة و بغير زلة . 
بزلة حيث أنك أفصحت عن بعض المشاريع التي تنوي تطبيقها بدون ذكر لإسم الأزهر في الأمر 
و بدون زلة بأنك تقتنع ببعض المورودات من التراث بأنها معلومة من الدين بالضرورة كزلات جوزة الطيب و مصطلح بيبسي و غيرها .

هذه الأمور الواردة كما أسلفت تعطي مؤيديك و الذين هم بالضرورة من نفس نهجك أرضاً خصبة بأن ينشروا تعاليمهم الفقهية و ليس في ذلك من شيء بل كل الشيء أن هذه التعاليم سوف يتم فرضها على الناس عنوة مع مرور الزمن و كل تلك الأفعال التي تختلجها منهج كي تصبح الرئيس ستؤول أخيراً لخلق فاشية دينية على طراز أفغانستان و أسوء لا محالة .

ستكون من بعد كل ما تقوم به ديناً و كل ما يقوم به أتباعك و مؤيديك هو من صميم و صلب الدين و إن أغرك ما أنت فيه - و لا أستبعد أن يحدث فأنت لست أحد أفراد الملائكة - فسوف يأخذ منا الوقت و الجهد أكثر بكثير كي يعلم الناس بأنك لست ظل الله على الأرض حتى و لو لم يكن أوصلك غرورك لهذا و لكن سينطبع فكرة في الأذهان أنك هذا الظل الموحى إليه و سيكون الخروج عليك مصير من يفكر فيه بداية من النبذ الديني حتى تطبيق الحد الشرعي منه و عليه.

أستطيع الإستطراد أكثر في نقاط نقدي لك و لوصولك سدة الحكم و لكني أود أن أرسل لك رسالة مهمة 



هل تجازيني بما فعلت معك ؟
لم أدخل نواياك في أنك كاذب أو صادق و ظللت أسير أن يظهر دليل بإدانتك بشكل قاطع لا من حيل أو أن تظهر برائتك كالشمس ساطعة

هل ستدخل نوايا قلبي ناحية الإيمان و ما أؤمن و ليس أنا فقط بل من هم على شاكلتي المناهضين لهذا الفقه السلفي و الذي أنتقده و أراه فقه يسطح الدين و يجعله مجرد قشرة .. و إن كنت أعنون عن قناعتي فأحب أن تعرف كعنونة أخرى بأني أصلت هذا المفهوم بعد أن تعمقت في فلسفات الإلحاد التي لم يصمد أمامها الفكر السلفي خمسة عشر دقائق فقط و التي للأسف تستقطب الكثير من أتباع الفكر السلفي فيما مضى لأنهم غير مؤسسون بالشكل الصحيح إن تعروا و تجردوا عن مرورثاتهم و بدئوا يفكرون فيما يطرح عليهم من أسئلة عميقة عن الله و ذات الله و وجود الله و دين الله و الكون و النشئة و كل تلك الأمور التي لا توجه إلا لصلب العقيدة و للأسف لم أجد في الفقه السلفي ما يعزز صلب العقيدة بل وجدته يعزز أسطحها و يبرز قشورها و بطرق خاطئة تتناقض مع بعضها البعض احياناً.

هل ستعتبرني كافراً إن لم أصدق بالأتي :

أنا لا أصدق بالمهدي المنتظر
انا لا أصدق بالمسيخ الدجال
أنا أعتقد بأن المسيح تم تعليقه على الصليب و تم جلده
أنا لا أعتقد بمبدأ الناسخ و المنسوخ
أنا لا أعتقد بكثير من الروايات التي وردت في الصحيحان و غيرهما
أنا أعتقد و بشدة في موضوع التطور و بأن للإنسان له جد بيولوجي مع القردة
أنا أعتقد بأن هناك الكثير من غير المسلمون سيدخلون الجنة من بينهم من هم بيننا اليوم و سلفاً و بعداً

لن أستفيض أكثر في نقطة من تلك النقاط بالأعلى و سأتركها لك هكذا حتى تصدم بها و هذا ما أعنيه فعلاً فأنا أود أن أريك كيف أني مختلف عنك و عن ما تنتهجه فعلاً و للوهلة الأولى كيف ستتصرف معي إن وددت أن أكتب رواية على غرار أولاد حارتنا لنجيب محفوظ أو وددت أن أنشر بحثاً فلسفياً في الفقه و العقيدة عن ما أقتنعه و أود الناس أن تعرف عنه

هل ستحجر علي ؟
هل سترى بأنك قد توغلت كفاية في نواياي حتى تتهمني بأني شيعي أو متنصراً أو ملحداً يحاول بث سمومه في الناس و لذلك وجب بتره من أن يذر الرماد في الأعين عن الدين القويم و الذي أن تراه أنت و أتباعك أو من على شاكلة هذا الفقه الذي تتبعه ؟

هل ستحارب الفكر بالفكر أو الفكر بالسيف أو الفكر بالحجب

أحب أن أقول لك مرحباً بك رئيساً للجمهورية رافعاً راية الدين و الوطن .. ولا تكن أحادي الوجهة و التفكير و النمط
لن تجد الكثير من المصريين كأتباعك
فينا المفكرون و الفنانون و الموسيقيون و طرائق قدداً

إذا كنت تريد مجتمع واحداً بتفكير واحداً فأحب أن أقول لك أن هذا مناهض لنواميس و قوانين الله في الكون و الذي هو ذاته خلقك و خلقني و خلق ما دوننا و لا يجمعنا الكثير من الوجهات و لا يستطيع أحدنا أن يجزم من سيدخل الجنة و من له الجحيم .



تحياتي
إسلام أبو بكر
القاهرة  

12/4/2012

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا نخاف من الله، هل الله مخيف؟!

الله لا يمكن أن يغير قوله لما يعتقدون بأنه يمكن

مسرحية الشيطان الهزلية المشهد الثاني ( ملائكة و شياطين ) الأفلام