مرسي رضي الله عنه


بين التطبيل و التفجيع لا يستطيع المرء منا أن يرى من أمره رشداً، فما أن يوافق أحدهم منهجك و يعزز منه و يكون هو بالضرورة محسوباً عليه حتى تخطات لأثره إقتفائاً و أسوة.

على الجانب الأخر يعميك التشوش الذي يفتعله داخلك قرار كونك معارض على الدوام حتى و إن كان الطرف الأخر هو ملاك نزل للتو من السماء أمام الناس فما أن تراه حتى تصرخ بحرقه كيف لهذا الملاك أن يكن بين ريش جناحيه ريشة سوداء ما هذا إلا دليلاً دامغاً على كونه ملاكاً ساقطاً وجب لعنه .

هذا هو التطبيل و التفجيع و كلاهما من نفس جنس العقلية المريضة المنتحرة التي تستغنى عن الحق بالباطل و لو علمت . 

الرئيس مرسي عندما ذهب إلى إيران و إفتتح كلمته بالترضْي على الصحابة المكروهين و المعلونين عقيدة من جانب الشيعة لم يكن هذا الحديث أبداً محفزاً لإستفذاذ المشاعر الدينية للشيعة أو حتى أن يكون هو الجانب الأولي من حديثه و الكثير من الناس من نوع المًفجه رأوا أن هذا ما يفعله هو إستفذاذ مشاعر الشيعة الدينية بالترضْي على الصحابة الملعونين هناك و الكثير أيضاً من المطبلتيه رأوها على هذا النحو و رقصوا فرحاً لإسفذاذ مشاعر الشيعة الدينية ..

دعونا نتكلم بأريحية يا سادة ..
أي دين أو مذهب ديني يقوم على اللعن و السب و القذف ؟
على أي التكال يبرم المرأ عقداً بينه و بين ميزان حسناته في أن يحصدها بالتلاعن و السباب ؟
لا مذهب ولا حتى ديانة بالكامل تقوم على هذا إلا و هي دين يقوم على أسس غير سوية بالمرة فكل تلك الفروض منافية للقيم و الأخلاق 
و أن يقوم الرجل بإفتتاحية كلامة بالترضْي على الصحابة و آل بيت النبي و كأنه له بُعد ديني فهذا هو رؤية المشهد بنصف عين و أن نرى في موقفه البعد الديني فهو إستنتاج بربع عقل ..

بل لا أراه كذلك
كلمته هي دليلاً على أنه يرمي لبعد سياسي و أنه يريد من هذا المنطلق أن يقيم راية أنه لا إنصهار ولا تطبيع ديني كما تريده أمريكا و سأبين بعد قليل لماذا .. غير أنه قام بإنتقاد التحرك السياسي في سوريا و موقف إيران منها و حثها على أن تكون عوناً للشعب لا للنظام و هو نفس ما فعله الرجل في زيارته للصين و هو ما لم يؤثر على إبرام العقوم و الخروج من هذه البلد غانماً أتياً بالإستثمار و فرص التعاون القريبة . 

ما تريده أمريكا ... 
امريكا تود ان يخرج حيز الخلاف بين الشيعة و السنة من كونه خلاف تاريخي ديني إلى خلاف سياسي و إقتصادي .. هو كذلك إلى حد بسيط كما كان في العراق و لكن للأسف لنا في العراق أسوة .. تفاقم الامر من بعد أن أوشت المخابرات بين الطرفين ليغرق العراق في ظلام الطائفية .. أمريكا لا تعادي الإسلام ولا أي دين أصلاً هي بكل بساطة تتحرك على نحو ميكيافيلي بحت و بفكرة فرق تسد ...

و لن تترك هذه الفكرة حتى يتشتت الجميع من حولها و ينشغل فيما أصابه من شتت و فتت و شقق و خصوصاً هؤلاء الذين يقبعون على مناجم الذهب الأسود و الذي معه تقام الحضارة ألا و هو النفط .

الخطاب كان مناسباً جداً ولا أرى في الترضْي على الصحابه نوعاً من إستفذاذ مشاعر الشيعة و إلا كان لعن الصحابه هو نوعاً من اللقاء الحميمي بين البلدين ؟!

أو أن ليصمت و هو ما لم يفعله بذكاء بالغ فالرجل يعرف أن ذهابه هناك قد يفتح عليه أبواب الجحيم في الداخل و في دول الخليج و هي التي شربت الطعم الذي ألقته لها أمريكا بأن إيران خطر عليهم و تريد نشر المذهب الشيعي في بلدان الخليج و لذلك كان من الضروري أن يقوم الرئيس مرسي بفعل شيئاً حيال الأمر و هو ما فعله بذكاء بالغ خصوصاً أن لنا مع دول الخليج مصالح مهمه و خصوصاً السعودية .

لنرى الأمر على حقيقته ولا داعي للتطبيل كالذي رأيته فور خروجي من صلاة الجمعة اليوم على الرصيف لإحدى الجرائد أظنها الحرية و العدالة و مكتوب بالخط العريض مرسي زعيم السنة .. !
ما هذا الخبل ؟

نحن الأن مع قيادة رجل أثق في قدرته على أن ينقلنا نقلة حضارية و أن يقوم بزرع بذور الإستثمار في البلد لنحصدها في نهاية فترته، فما يطمئن الجميع أننا مع رجل له مبدأ و لا تخف إلا من ليس له مبدأ ..

سأقوم بإنتقادي و نقضي لمرسي حالما أرى موقفاً له أعتبره على خطأ من وجهة نظري و سأقوم بالإشادة بمواقف أخرى لو أنها كمثل هذا الموقف المشرف المتزن ..

نحن معك أيها الرئيس

تحياتي
إسلام أبو بكر
31/8/2012
القاهرة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا نخاف من الله، هل الله مخيف؟!

الله لا يمكن أن يغير قوله لما يعتقدون بأنه يمكن

مسرحية الشيطان الهزلية المشهد الثاني ( ملائكة و شياطين ) الأفلام