عدل الله



منذ ما يقرب من سنة و أكثر و انا لم أكتب شيئاً عما تعودت أن أتابع بكتابته كنوع من طرح الحصد الناجم عن القراءاة !
و منذ أن قلت قرائاتي و بالضرورة قد قل طرحي و حصدي و خصوبة أفكاري، رغم أني لم أنقطع عن القراءة كلية ولكني كنت كمن يشاهد ولا يتفاعل !

كل هذا كان من شأنه أن يحدث الثغرة أو الفارق، و رغم أني أزعم بإطلاعي على جوانب معتبرة من العلوم و لست متخصصاُ في إياها إلا أن هذا لم يشفع لي ذلتي الصغيرة العظيمة و التي سأكتب عنها اليوم و هي موضوع رجوعي للكتابة من جديد !

بدأ الأمر منذ شهرين تقريباً، حيث وجدت نفسي في حاجة ماسة إلا معايرة إعتقادي و قناعاتي من جديد و هو ما أفعله بشكل لا أرادي كل فترة من الوقت في متوسط السنتين او الثلاث سنوات.

و إثر هذه المعايرة تبرعمت داخلي أسئلة وجودية بعضها قد سكت عنها و هو ما كان الدافع الأول و البركان الأول و بعضها إستجد!
و لكن الأكثر قوة و عتياً هو هذا سؤال عن منظومة العدل الإلهي.

لاحظ الكثيرون من الناس حولي هذا الإرتباك و الذي بدأ يطفح على أقوالي و أظن أنني قد أحكمت اللجام على هذا السؤال الجامح من أن يجعلني قد أجدف بلا صوب ولا هدف في أن اتفوه او أقتنع بشيء لم يُثبت عندي بعد، و لأني لا أريد إلا جواباً و لا أريد إلا دليلاً و قد عزمت من أمري ألا أخاف و ألا أهاب قسوة و قوة السؤال و الرغبة في الفهم و سننت قانون لا أرى إلا كل المنطق فيه أن الله لا يريد أن يعرفه أحد بالجهل و إن أراد هذا فما كان هناك جدوى من التكليف! و لبات الأمر إستواء بين من يعقل ولا يعقل بين إنساناً و دودة قز !

و على هذه القاعدة و من هذا المنطلق أطلقت حممي و سألت السؤال لنفسي بكل قسوة و تركت الأمر منساباً إما أن أفهم أو لا أفهم و عزمت من أمري على ضرورة أن أسُد هذه الثغرة التي من شأنها أن تزلزل إيماني بالكلية و الذي لم أخاف عليه قدر خوفي من ألا أفهم أو أصل لنتيجة ترضيني و ترضي نوازع المنطق داخلي التي باتت مستعرة و متأهبة في كل وقت لإصطياد الأفكار الهشة و رفضها!

لم أستطع النوم ولا العمل و صرت حزيناً و انا الذي لا يُراد لنفسه من نفسه لحظة تسليم للحزن أو التشاؤم و لكن الأمر كان جلل على نفسي.

بعد شهرين من العصف و المعاناة بالصدفة وجدت منشوراً للدكتور عمرو شريف - رئيس أقسام الجراحة العامة سابقاً بجامعة عين شمس، و كاتب متخصص في مسائل الإلحاد و فلسفاته - كان المنشور من شأنه أن يحيك داخلي إلحاحاً على أن أتصل بالرجل و لعلني أجد عنده شيئاً فقد كنت في الأونة الأخيرة أنقب عن دليلاً يقربني أو حتى يبعدني لا يهم النتيجة و لكن الأهم هو أن أفهم سواء إستوى عندى نتيجة طرح السؤال أو إجابته مع قناعاتي المسبقة أو أن ألحد أو أعلن لا أدريتي و كنت أعرف تماماً مدى شجاعتي على أن أفعل و أنا كنت من المنظرين ضد الإلحاد من قبل و لكني لست معصوماً و تأرجحي هذا هو ما أثلج صدري على أني لا أنتمي بالعصبية المذهبية لأفكاري و مستعد تماما عن التخلي عنها في حالة أنها لم تجاري تطور معارفي و معلوماتي .

بالفعل أرسلت له بريد إلكتروني إحتوى على السؤال و مُعضلة حسابية إثباتها أو دحضها يعني أن نعيد التفكير في كل شيء من جديد .
و كان جسم رسالتي و إن مُثل كأنه دامي كجسد المسيح 

بعد نصف ساعة جائني إتصالاً من الدكتور عمرو و قد قال لي أن سؤالي لا ينبغي مناقشته عبر الهاتف او المراسلة و حدد لي ميعاداً في الغد الجمعة بعد الصلاة أن أذهب له ..

أغلقت الهاتف و قد إبتهجت أساريري، سأسلك أي طريق يقربني من أن أجيب على سؤالي، سعدت أيضاً أني سأقابله فكم أحب هذا الرجل و أجله و أتابع كتاباته دائماً 

في يوم الغد الجمعة إستيقظت مبكراً و ذهبت في الميعاد و قابلته و انا في طريقي لمكان اللقاء و إعتذر لظرف شخصي عن هذا اليوم و قلت له على ظروفي و حدد لي ميعاد أخر في الغد يوم السبت، ودعته و انا مصاب بخيبة أمل عظيمة و ظللت أنظر له و قد تركني حتى إختفى من أمام أفق نظري، ظللت خمسة دقائق في الشارع و قد إختلج صدري إحساساً بالضيق، لم أكن قد حزنت على أن الميعاد قد تم إلغاؤه و لكن حزني على أني فقدت اليوم الذي أمنيت نفسي به على أنه يوماً قد يجعلني أقرب من خطواتي، يوماً قد أُنتشل به مما أنا فيه، ذهبت و ظل خاطري يطعني بكلمات يوم ثاني من العذاب و الألم !

كررت الأمر في اليوم الثاني و قد إستيقظت مبكراً و إستقليت السيارة و في الطريق جائتني مكالمة من الدكتور عمرو يقول لي أنه قد وصل و في إنتظاري رددت عليه بدوري أن بالقرب جداً منك و ماهي إلا دقائق و أكون عندك، بالفعل كنت هناك بعد دقائق و قابلت الرجل و طلب مني أن أعرفه عن نفسي و هو الأمر الذي لا أجيده و بدأنا الأمر ! 

في البداية رغم أني عازم على أن أجد دليل و جواب و أتشوق لهذا لا عن عاطفة بل كان الأمر عن رغبة في الفهم، تسلحت بجهاز تصيد أخطاء المنطق داخلي و إنفصلت بالكلية عن شعوري بحب الرجل إلى لعب دور الناقد و لربما الناقض إن إقتضي الأمر، فأنا أعرف عن نفسي أني موهوباً في هذا الأمر بإستطاعتي أن أفصل تماماً بين عاطفتي و دوافعي النفسية و بين الدليل و الحقيقة و المادة !

كان أو سؤال أطرحه هو أعظم سؤال و أعتى سؤال و هو ما إمتنعت عن قوله لمن حولي لا لشيء إلا أني لا أود أبداً أن يعاني غيري ما أعانيه و خصوصاً أن قناعتي بالموضوع تقتضي بمن سأطرح عليهم هذا النوع من الأسئلة لابد أن يكونوا على قدر معين من الإلمام بمعارف الإلوهيات و الفيزياء النظرية و قد إطلع على أراء الفلاسفة في هذا الأمر و كان غرضي من طرح السؤال هو أن أجد له إجابة لا أن أستثير عند البعض ما قد يزعجهم أو يؤلمهم خصوصاً لو كان منهم من يريد أن يفهم فهو من سيعاني و لكن من يصرف باله عن هذه الأمور هو ما أتسائل فيه لماذا أوتي التكليف ؟! و لكن هذا موضوع أخر قد أكتب فيه لاحقاً ... 

السؤال نصاً كالتالي و سأشرح بعده ملابساته و جوانبه و حواشيه : 
مسألة العدل الإلهي كيف تفهم بين ترجيح العِلم بما قد كان و بين أزلية الله التي بالضرورة فوق الزمان؟!

و هو ما يعتد به على أنه معُضلة من ثلاث محاور.

المحور الأول :
كبرنا على هذه الجملة و كأنها مقياس و معيار إيمان الإنسان بداخله بينه و بين نفسه و بينه و بين الناس و هي الجملة التي كنت دائماً ما أرفضها و عقلي ما كان ليستسيغها بسهولة و هي: كل شيء مقدر و مكتوب
المحور الأول من الإشكالية، كيف يكون كل شيء مكتوب سلفاً أي أن مثلاً هتلر مكتوب له أن يكون سفاحاً و بل كُتب له أفعاله و كُتب له أيضاً عاقبة هذه الأفعال.

كيف تستوي منظومة العدل الإلهي إزاء أن كل شيء مكتوب سلفاً و بالضرورة معنى حرية الإرادة هنا هو حشو فارغ إذا ما جاء أحدنا بأريحيه ليعاير المفهمتين على بعضهما البعض حتماً لن يتجانسا و كل مفهوم سيتعارض مع الأخر، فلا يستوي أن الناس أحراراً في أفعالهم و في نفس الوقت قد كتبت هذه الأفعل، نحن هنا أمام سيناريو كبير كتبه سينارست بارع و الأدهى أنه سيعاقب بعض الممثلين على أداء أدورهم ببراعه !

المحور الثاني:
كنت منذ فترة طويلة و قد رفضت منظومة أن كل شيء مقدر و مكتوب رفضاً منطقياً، لست في داعي أن أؤمن بشيء ليس عليه دليلاً إلا مجرد الحكايات التراثية، و جذبني لهذا أراء فلاسفة المسلمين المعنيين بهذا الأمر و الذين طرحوا طرحاً ذكياً يخرج من هذه المعضلة خروجاً سلساً ألا و هو إطلاق العلم، فكان الطرح هو أن الله لم يكتب على أحد أفعاله ولا عاقبته و لكنه عَلِم بمطلق قدرته التي تخرج من حاجز الزمان و المكان ما كان و ما يكون و ما سوف يكون .. فقد عَلِم أن هتلر سيكون سفاحاً و يقتل ملايين الناس و نتيجة لهذا فسيدخل جهنم حتى تستوي منظومة العدل الإلهي ولا يهرب مجرم بفعلته.

إشكالية المحور الثاني كانت في أن إذا كان الله يعلم أفعال الناس ففي هذا العلم أيضاً ترجيح و هو ما قاله الدكتور محمد شحرور في لمحة ذكيه منه و محاولة للخروج من المأزق لمأزق أكبر كما ساطرحه في المحور الثالث، إذن علم الله ترجيح فإن عَلِم الله عن هتلر أنه سيكون سفاحاً و سيقتل ملايين الناس فلن يحدث مثلاً أن يأتي هتلر قديساً يتقمص دور الأم تريز و يساعد ملايين الناس عوضاً عن قتلهم و لو كان قد حدث إذن لفي علم الله خللاً !

إذن عِلم الله بالمقدرات و الأفعال و العواقب هو و كأنه قد كتب فعلاً لأن لا أحد سيأتي و يخالف بأفعاله ما عَرف عنه الله بأفعاله مسبقاً و هنا تأتي إشكالية الترجيح بالعِلم و كأنه قد كتب بالفعل !

المحور الثالث:
لم يعي الدكتور محمد شحرور و هو يسترسل في طرحه أنه يسلب من الله كلية مقدرته لو أراد أن يثبت كلية عدله فقال: أن الله لم يَعلم عن أفعالنا و إلا بات علمه ترجيحاً و لكن أعطى ترجيحات بين خير و شر ( و هديناه النجدين )

إشكالية طرح الدكتور شحرور هو أنه سلب من الله كلية مقدرته في أن يعرف ما هو خارج إطار الزمان في أنه جعله بطرحه هذا و كأنه مخلوق متزمن و يتقنن بقانون و ناموس الزمان فكيف يخلق الله منظومة لا يستطيع أن يرى أبعد منها .. كل هذا كان في سبيل إطلاق العدل الإلهى على حساب إطلاق المقدرة الإلهية ..

إذن نحن هنا أمام إما أن نرى الله سينارست أو نراه غير قادر و هو ما من شأنه أن يدفع كل ذا ضمير أن يفكر و ينتهي إن توقف عند هذه النتيجة إلى الإلحاد ولا حرج عليه .

ما أسلبني النوم كان كل هذا و ما أوقفني عن الرضوخ للإلحاد ما أعرفه عن الدين حق معرفة، فلم أكن فقيراً في قرائتي و لم أكن أعزل من أسلحته و كانت شواهق أدلته التي نظرت بها و أشتغلت عليها تمنعني من أن أتخذ القرار بسهولة كما إتخذه غيري إستسهالاً و لم أكن لأستسلم لمعضلة وجدانية عجزت عن حلها و لذلك سوف أتهم المنظومة كلها ولا أتهم عقلي لكبر في نفسي عن أني عاجز عن الفهم

طرحت السؤال بجوانبه أو محاورة الثلاث على الدكتور عمرو، و جائت ردوده في بداية الأمر مقدمات أعرفها عن ظهر قلب، بعد فترة وجد الرجل و قد رأى نظراتي الشاردة أو كما أظن، و قد قمت بكتابة ملاحظاتي على كلامه بطريقة كتابتي حتى لأ أشتته في إسترساله

هنا جاء الحد الذي قال فيه سنتكلم في الأمر من عمقه، إبتهجت لهذا، فهذا ما جئت لأجله أن أجد معلومة ليست عندي تساعدني و تنتشلني من جهل أنا غارق فيه !

فقال رأي لأستاذ جامعي لا أذكر إسمه الأن و هو أن الله لا يحاسب على القدر بل على تفاعلنا مع هذا القدر بمعنى ان لو أحدهم و هو يمشي صدمته إمرأة مسنة او شاب صغير و قد أوجعته الصدمة هذا قدر لا دخل لأحدهما فيه، الحساب هنا على رد فعل الرجل ناحية من صدمه هل يوكز أو يضرب أو يعفو أو يساعد ؟!

لم تكن هذه الإجابة لتسد الثغرة ولا لتجيب على أساس السؤال و لكنها كانت ذات لمحة لنهاية الأمر !

بعدها قال لي أنت تريد أن تعاير موقفك الزمني من الامور على الله الذي تطالب أن يكون خارج منظومة الزمان و انت تعجز خارجها !

هنا إصطدمت بالأمر ...

شردت للحظة و هو يتكلم حتى أني قلت له أني مازلت عالق في السؤال الأول حين إنتقل هو بدوره للسؤال الثاني من ورقة الأسئلة التي كنت قد أحضرتها معي، أثرت التوقف عن إستمالة نشوتي بطرف الخيط الذي أمسكته و كنت أريد أن أقف هنا و أعمل على هذه البداية و لكن فضلت تدوين ملاحظاتي و متابعة أجوبته على باقي الأسئلة حيث أنه فضل الإسترسال. 

بعدما أنتهينا و شكرته على وقته الثمين و على لقائي به الذي حتما سيتكرر، من فرط التفكير في الأمر ضللت الطريق لبيتي عدة مرات، كيف سهوت و كيف إنزلقت .. كيف أعاير بسؤال داخل المنظومة الزمنية على فعل أو عارض لا أعلم كيف أصفه هو بالضرورة خارج المنظومة الزمنية .. كيف حتى قد أستسيغ أقوال علماء المسلمين في أن الله قد علِم بما سيكون من قبل أن يكون ؟!

حتى هذا الطرح خطأ بالكلية، إنك هنا إفترضت وجود الخط الزمني بألاساس قبل أن يوجد و يخلق، أنا الأن أمام منظومة لا أفهمها و لم أفهمها و سألت سؤال لا يحيط بها ولا يستوي معاها .


كيف أفترض أن الله يعلم أو عَلِم و هذه كلها مفاعيل زمنية أنا حتى لو قلت أن الله عَلِم كل شيء، قد وضعت علمه و مقدرتة داخل المنظومة الزمنية حتى و لو كانت في بدايتها و لكنها حتما ليست خارجها!

كيف أطلب في سؤالي أن يكون مطلق القدرة و العدل و سؤالي قاصر عن أن يحيط المنظومة بل و يطلب أن يكون الله داخل المنظومة و خارجها في نفس الوقت ! 

هنا نأتي لنصوص مهمة فيها ما يدحض مجالبي .. 

- إن الله يعلم مافي الصدور 
- إن الله يعلم مافي القلوب 
- إن الله يعلم خائنة الأعين 
- إن الله يعلم ما في أنفسكم
- إن الله يعلم ما تحمل كل أنثى

و النصوص كثيرة ... 


هنا يقول أحدهم، أن الله ذاته هو من إختار لفظة يعلم في المضارع عوضاً عن الماضي فلم يستبدل يعلم بـ عَلِم حتى يستوي مع طرح فلاسفة المسلمين، و سواء كان قد قال يعلم أو عَلِم فإن الأمر الأن بات ليزيح طرحك بالكلية .. فصاحب الشأن يختار اللفظ الذي من شأنه تستطيع طرح سؤال أو كل مفكر إستناداً عليه أن يطرح سؤاله بدون التفكير في منظومة الزمان أو كل هذه الأمور ! 

الأن عندي ردان على الأمر هذا. 
الأول، إطلاق اللفظ في المضارع هو على ما نفعل نحن بالرجعيه ليس على ما يفعل الله بالأساس فمثلا حينما يقول " إن الله يعلم ما في أنفسكم " فعلمه هنا على ما نفعل الأن أو ما يدور بخلدنا الأن فاللفظ في المضارع هو إحاطة لما نفعل لا فعل في حد ذاته !

الرد الثاني و هو أن اللغة العربية الوسيط بين رسالة الوحي و أفهام البشر هي لغة بنت هذا الزمان و هذا العالم و هذا النظام و لا يتصور أحد أن يكلمه الله بطريقة من خارج المنظومة التي وجد فيها الإنسان من الأساس .. لذلك كل تصريح عن أفعال الله هي تصاريح تقريبية أو كما في المثال السابق إحاطيه لا أفعال في حد ذاتها ! 

كنت أعي كل هذا، ما الذي تسبب في أن أسأل سؤال ليس له إجابة فهناك قاعدة منطقية هي الذي يتطلب إجابة غير إعتيادية لابد أن يكون السؤال غير إعتيادي، و لم يكن سؤالي إلا سؤالا إعتيادياً من داخل المنظومة الزمنية و يريد أن إجابة من خارج المنظومة الزمنية ! 

سؤالي لم يكن له إجابة و لم أحصل على إجابة و لكني حصلت على نتيجة أو بالأحرى فهمت سؤالي و كان هذا راضياً لأنه لمس نقاط المنطق داخلي، و معايرة حتى على العلوم تجد نفس المنطق معمول به في الفيزياء النظرية و فيزياء الكون، فالعلماء لا يستطيع منهم أن يفهم ما الذي حدث قبل الإنفجار الأعظم و ماذا كانت المفردة و كل قوانين الفيزياء الكمية تتوقف تماما لوقت بعد الإنفجار بإجزاء دقيقة جداً من الثانية .. عوضاً عن قبل الإنفجار ذاته، حتى إننا لا نفهم ما الذي يحدث فعلياً داخل الثقوب السوداء فكيف لمن يؤمنون بالله أو بخالق أن يطرحوا سؤال إعتيادي و ينتظرون إجابة غير إعتيادية ! 

هذه كبوتي لبعدي عن المعي لم يكن القرآن وحده هو الدليل بل إن الدليل هو عقلي، ما قيمة القرآن كنص إن لم يكن هناك عقلاً يفهمه ناهيك عن أن تفكر في أسئلة وجودية و فلسفية أُسقتط مني لإبتعادي عن القراءة فترة السنة . 

بعدما وصلت بيتي فكرت في السؤال الثاني و كان فحواه : 
لماذا قد يعذب الله الكافر الذي قدم للبشرية أعملاً جليلة و لم يؤذي أحد و قد كفر بالله عن جهل أو حتى علم، أنا لا أفهم حقاً و كأن الأمر بالنسبة لي هو كأن يقول أب لإبنه إن لم تحبني سوف أقتلك ! 
و الأدهى في السؤال هو نصفه الثاني، إن كانت حرية الإيمان من الكفر مكفولة أليس من المنطقي أن تكون حرية العاقبة أيضاً مكفولة و مثال للتقريب، إن قال أب لإبنه أنت الأن مخير بين أن تدخل كلية علوم حاسب و كلية طب و لكن لو إخترت علوم حاسب سوف أحرمك من مصاريف الكلية ! 

أليس من المنطق أن تُكفل العاقبة على حرية الإرادة و إلا تكون هذه الحرية مسلوبة من الأساس ولا قيمة لها !
كيف يقول الله للناس أنتم أحراراً في أن تؤمنوا بي أو تكفروا بي و لكن الكافرون منكم سأدخلهم جهنم خالدين فيها أبدا ! 

و في هذا اللغز الأخير و الذي لا يقل خطورة و قوة و قسوة عن سالفه، لنا عودة و مقال أخر و أطروحة جديدة لا تتبنى رأي الأقدمين ولا المعاصرين .. 

تحياتي
إسلام أبو بكر

الأحد الأول من يونيو 2014
القاهرة ....

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا نخاف من الله، هل الله مخيف؟!

الله لا يمكن أن يغير قوله لما يعتقدون بأنه يمكن

مسرحية الشيطان الهزلية المشهد الثاني ( ملائكة و شياطين ) الأفلام